الاثنين، 28 نوفمبر 2011

معَ الله.

بسم الله الرحمن الرحيم

يُصادِفُ المرءُ أحياناً الكثير من الأنماط الغربية من البشر، وخصوصاً العرب، فمن الخوف مِن المُطالبة بأبسط حقوقِهم الوظيفية، إلى الخوف مِن المُستقبل، أو الإهتمام الزائِد حدَ الإفراط بِمشاعره، تمَسُكً بِما لديه مِن ثَروة أو جاهٍ هوَ بينَ يديه، وهوَ حتماً لايَستَحِقُ الدِفاعَ عنهُ في وضعِنا الحالي.

الإستغراب الذي صادَفَني في هؤلاء العينات، صادَفتُهُ في نَفسي مُنذُ زمن، الخَوفُ مِن المُستقبل والمشىُ على خُطواتٍ موزونة بالمِسطرة، تَخشى على نَفسِكَ أن تَحيدَ عنها، فتَهوي أو تتهاوى، هذا الخَوفُ الذي جَعَلَني أصِفُ نَفسي بِالغَباء لِنِسياني أمراً بالِغَ الأهَمية، أني في تِلكَ الفَترة لَم أكُن مع الله.

صِدقاً، لا أخشى فُقدانَ عملي لِتَمَرُدي على الحال المُتَرَدي، ولا أخشى ماقَد يَحصُلُ لي في المُستَقبل"أتمنى أن لا يَحصُل"، ولا أخشى تَبِعاتِ المُستَقبل أو تَرتيباتِه، أو حتى وفاة أعزِ أهلي، لن أخشى شيئاً، لأني مع الله لا أُبالي.

كَكَلِمة، الثِقةُ بالله شيءٌ عظيم، لا أعلَمُ لِماذا نَنسى نَحنُ البَشَر هذهِ الثِقة العظيمة مِن اللهِ سُبحانهُ وتعالى لنا، رُبما مشاغِلُ الدُنيا وهمومُها هيَ المُسَبِبُ الأول لِهذا، لكن ألا نَعلَم بأن الثِقةَ بالله تُسَهِلُ لنا الدُنيا وأُمورَها، أستَغرِبُ كيفَ نَثِقُ بالبَشَر كُلَ تِلكَ الثِقة ونَترُكُ الأمر مع اللهِ على الهوى.

وعن نَفسي سأتحَدَثُ هذهِ المرة، ولَستُ أُبالِغُ إن قُلت بأني في بَعضِ الأحيان أنظُرُ إلى من يأتي بِحُلَةٍ فاخِرة ويَشتَري في دَقيقةٍ واحِدة مايُعادِلُ أضعافَ راتبي نَظرَةَ إستِغراب، وكوني مُتَوَقِفٌ عن الدِراسة حالياً، أتسائَلُ في نَفسي، هَل يُمكِنُ أن أصِلَ إلى ماوَصَلَ إليه هذا الشَخص مِن مركَزٍ مرموقٍ مثلاً، أو جاهٍ أو أياً كان، لا أستَطيعُ أن أصِفَ مشاعري حينما أرى نظراتٍ الإستِصغار في عيونِ البَعض، لكِني وقطعاً أشعُرُ بأني الأفضَل، لأنَ لدَيَ ثِقَةُ بالله سُبحانَهُ وَفي قناعةِ نَفسي بأني سأُصبِحُ أحسنَ مِنهُم، ليسَ تَكَبُراً أو غروراً أقولُ ذلك، لكني فقط وكَلتُ أمري لله، وقَطعاً، أنا مع الله لَن أُبالي.

كُن مع الله، ترى الكُلَ مَعك :)

شُكراً.

الخميس، 24 نوفمبر 2011

الأربعاء، 2 نوفمبر 2011

المغفلة.

بسم الله الرحمن الرحيم


ليسَ مِن العَيب أن تَقتَبِس الأفكار الأمِعة، ليسَ مِن المُخجِل أن تبداء فيها إنتهى مِنه الأخَرون، في عالم الأعمال، غالباً ماتبداء الأعمال التجارية مِن طَريقَين، خَلق فِكرة جديدة لتِجارة مُربِحة"الوعد قدام"، أو إستِنساخ فِكرة"بِروحٍ جَديدة غالِباً :)".

اليوم سأستَنسِخ فِكرة المُدَوِن أيمن الظفيري، فِكرة الأخ أيمن تَدورُ في إقتِباس ماهوَ مُفيد للقُراء، وأنا  سأبداءُ فيها بداء الأخرون، بِنَفسِ الفِكرة، وبِنَفس الإقتِباس :)

*قصة لأنطوان بافلوفتش تشيخوف بعنوان المغفلة


المغفلة

_____________
أنطون تشيخوف
منذ أيام دعوتُ الى غرفة مكتبي مربّية أولادي (يوليا فاسيليفنا) لكي أدفع لها حسابها
قلت لها: إجلسي يا يوليا…هيّا نتحاسب…
أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود
ولكنك خجولة إلى درجة انك لن تطلبينها بنفسك…
حسناً..لقد اتفقنا على أن أدفع لك (ثلاثين روبلاً) في الشهر
قالت: أربعين
قلت: كلا..ثلاثين..هذا مسجل عندي…كنت دائما أدفع للمربيات (ثلاثين روبلاً)…
حسناً
لقد عملت لدينا شهرين
قالت: شهرين وخمسة أيام
قلت: شهرين بالضبط..
هكذا مسجل عندي..
إذن تستحقين (ستين روبلاً)..
نخصم منها تسعة أيام آحاد..
فأنت لم تعلّمي (كوليا) في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط..
ثم ثلاثة أيام أعياد
تضرج وجه (يوليا فاسيليفنا)
وعبثت أصابعها بأهداب الفستان ولكن..
لم تنبس بكلمة
*********
واصلتُ…
نخصم ثلاثة أعياد
إذن المجموع (إثنا عشر روبلاً)..
وكان (كوليا) مريضاً أربعة أيام ولم تكن تدرس..
كنت تدرّسين لـ (فاريا) فقط..
وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء..
إذن إثنا عشر زائد سبعة.. تسعة عشر.. نخصم، الباقي ..هم.. (واحد وأربعون روبلاً).. مضبوط؟
إحمرّت عين (يوليا فاسيليفنا) اليسرى وامتلأت بالدمع، وارتعش ذقنها..
وسعلت بعصبية وتمخطت، ولكن…
لم تنبس بكلمة
*********
قلت: قبيل رأس السنة كسرتِ فنجاناً وطبقاً..
نخصم (روبلين)..
الفنجان أغلى من ذلك
فهو موروث، ولكن فليسامحك الله!!علينا العوض..
وبسبب تقصيرك تسلق (كوليا) الشجرة ومزق سترته..
نخصم عشرة..
وبسبب تقصيرك أيضا سرقتْ الخادمة من (فاريا) حذاء..
ومن واجبكِ أن ترعي كل شيء فأنتِ تتقاضين مرتباً..
وهكذا نخصم أيضا خمسة..
وفي 10 يناير أخذتِ مني (عشرة روبلات)
همست (يوليا فاسيليفنا): لم آخذ
قلت: ولكن ذلك مسجل عندي
قالت: حسناً، ليكن
واصلتُ: من واحد وأربعين نخصم سبعة وعشرين..الباقي أربعة عشر
امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع..وظهرت حبات العرق على أنفها الطويل الجميل..يا للفتاة المسكينة
قالت بصوت متهدج: أخذتُ مرةً واحدةً.. أخذت من حرمكم (ثلاثة روبلات).. لم آخذ غيرها
قلت: حقا؟.. انظري
وانا لم أسجل ذلك!!
نخصم من الأربعة عشر ثلاثة
الباقي أحد عشر..
ها هي نقودك يا عزيزتي!!
ثلاثة.. ثلاثة.. ثلاثة.. واحد، واحد.. تفضلي
ومددت لها (أحد عشر روبلاً)..
فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة..وهمست: شكراً
*********
انتفضتُ واقفاً واخذتُ أروح وأجئ في الغرفة واستولى عليّ الغضب
سألتها: شكراً على ماذا؟
قالت: على النقود
قلت: يا للشيطان
ولكني نهبتك..
سلبتك!..
لقد سرقت منك!..
فعلام تقولين شكراً؟
قالت: في أماكن أخرى لم يعطوني شيئاً
قلت: لم يعطوكِ؟!
أليس هذا غريبا!؟
لقد مزحتُ معك..
لقنتك درساً قاسياً..
سأعطيك نقودك.. (الثمانين روبلاً) كلها
ها هي في المظروف جهزتها لكِ!!
ولكن هل يمكن أن تكوني عاجزة الى هذه الدرجة؟
لماذا لا تحتجّين؟
لماذا تسكتين؟
هل يمكن في هذه الدنيا ألاّ تكوني حادة الأنياب؟
هل يمكن ان تكوني مغفلة إلى هذه الدرجة؟
ابتسمتْ بعجز فقرأت على وجهها: “يمكن”
سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلمتها، بدهشتها البالغة، (الثمانين روبلاً) كلها..
فشكرتني بخجل وخرجت
تطلعتُ في أثرها وفكّرتُ: ماأبشع أن تكون ضعيفاً في هذه الدنيا.